حاوره : راضي جودة
النحت بالنسبة لعالم الفن التشكيلي هو الإضافة الجمالية والتاريخية الذي يقرأها السائحون والزوار دون الحاجة لدخول المعارض والمتاحف المتخصصة، فإن وجود المجسم والمنحوتة أمام المبانى والميادين والساحات أو تداخلها مع الشكل المعماري الفني هي سجل رائع يسطر مدى فكر وإبداع الفنان، وهو يسجل مفردات عصره أو مستدعيا موروثه الحضاري، ومتباينا في احتفالية خاصة بخصائص تكويناته سواء من الحجم في الكتلة، أو التراكم المعرفي والتصميم البديع مما يتم توظيفه في قطعة الحجر الصماء التي تأخذ على عاتقها بعد ذلك التعريف بالدور الهام لفنان النحت الذي ترك إرثا مضاف لمن سبقوه، وهو الباب العالي للدخول لعالم التاريخ والخلود.
ومنذ التقيت بالفنان السعودي الكبير عصام جميل ضمن مجموعة الفنانين المشاركين بسمبوزيوم الدوادمي، وكل منا وجد شيئا لدى الآخر، وصرنا على تواصل دون انقطاع، واليوم يجمعني به هذا الحوار الخاص الذي يتحدث من خلاله عن تجربته الفنية الكبيرة وتنوع الخامات التي يصوغ منها منحوتاته من رخام وأحجار وأخشاب.
الفنان عصام المشــغول بتنويع التصميم التشكيلي للمجسم ما بين التأثير المباشر للبحــر بأمواجــه ومحاراتــه وبيــن التعبيــر الحروفــي.. أين تكمــن حيرتك عنــد بداية الفكرة؟
قد لا تكون حيرة بقدر أنها تحليق في المخيلة لجمع المعطيات المناسبة التي تسهم في صياغة عمل فني يتوافق مع الفكرة.
نلاحــظ فــي بعــض المنحوتــات خــروج تفاصيــل الشــكل بالشــكل التراكمــي أو الطبقات، هل يعود ذلك لعدم توافر حجم للأحجار يتناسب مع تصميمك؟
أحيانًا يكون لعدم توافر الكتلة المناسبة وأحيانًا للرغبة في تقديم المنحوتة بحجم أكبر، حيث يسهم الحجم في عكس صورة أجمل.
مغازلتــك للحــرف أو الكتلــة الهندســية أوللاثنيــن معــا فــي ظنــك يضيف شــيئًا مــن الخصوصيــة خاصــة في المشــاركات الخارجية؟
جميل مصطلح المغازلة والذي أفهمه بأنه الأسلوب الخاص الذي يتبعه النحات للتعامل مع الحرف أو الكتلة أو الاثنين، لتظهر حينهابصمته الخاصة.
مــا الأمنيــة التي لــم تتحقق بالنســبة لك حتى الآن وترى أنه آن الأوان لتحقيقها؟
نعم هناك أمنيات لم تتحقق، إلا أنني أشعر أن أفضل الإمنيات سترى النور بإذن الله قريبا، لذا فأنا لا أستعجل الأمور وينصب تركيزي على إنتاجي الفني المبني على احترام ذائقة المتلقي.
هــل تعتقــد أن الــدورات التــي تعقد بين الحيــن والآخــر قــادرة على خلــق جيل من النحاتين أمثالكم؟
دون شك الدورات في حد ذاتها تقدم أجيالا من الفنانين، ولكن في نفس الوقت قد تكون سلبية إذا كان من يقدم الدورة التدريبية ليس على قدر من المهارة أو غير مؤهل مما يترك أثرا سلبيا على المتدرب.
في رأيك ما هي العوامل النفســية التي تجعــل الفنــان التشــكيلي اليــوم ينعــزل ويدخل لمنطقة البيات الفني؟
العوامل كثيرة ومنها عدم إجادة القراءة الشخصية للذات، والاستسلام للموجات السلبية، وعدم المحاسبة الذاتية أمام ما يقدم من نقد والاستفادة منه في تطوير الذات والإنتاج الفني، أيضا فإن التركيز على الزمن في تحقيق المراد يرفع من وتيًرة الضغط النفسي وليس على ما يقدم فنيا، ومما يسبب انكفاء الفنان على ذاته الاستسلام للأهواء وعدم تحفيز الذات وتطويرها، وعدم التدريب الذهني لتحفيزه على الإنتاج بشكل مستمر، وأيضا عدم التفاعل مع البيئة المحيطة ومحاورتها فنيًا.
لا خبرة بلا ممارســة، فكيف للنحات الواعد أنيمارسنشاطهويقفعلىتجربتهفي ظل ندرة الأماكن المفتوحة للنحت؟ً
أعتقد أن ندرة الأماكن المفتوحة ليس عذرا رئيسا كون النحت هوالنحت على أي خامة، فقط تختلف الأدوات والتقنية في بعض الأحيان، لذا فالمجال مفتوح باستخدام ما هو متوافر والاستمرار في الإنتاج الفني إلى أن تأتي الفرصة المناسبة لتقديم عمل فني يحتاج لبيئة خاصة.
ما هي المرحلة الأقرب والأكثر استمتاعا بها في حياتك الفنية؟
هي مرحلة الحصول على الفكرة ومن ثم مشاهدتها على عمل فني.
ومــاذا عــن مشــاركاتكم فــي صنــع المجسمات في الميادين مثلا؟
بالنسبة لصنع المجسمات في الميادين فهي بحاجة في المقام الأول إلى صياغة المشهد العام ومن ثم العمل على تنظيم الآلية المناسبة لطرحها، حيث يسهم ذلك في تفادي محدودية عدد الممارسين.
هل نطمع في تقييم من وجه نظرك لفن النحــت خاصــة فــي الفتــرة الأخيــرة التي شهدت كثافة عددية غير مسبوقة؟
دون شك الكثافة العددية غير المسبوقة في فن النحت في المملكة حالة صحية جدًا لما لها من مساهمة كبيرة في إثراء المشهد العام، إضافة لنشر الوعي والثقافة الفنية في هذا المجال، ولا يفوتني أن أعرج على نقطة الاهتمام في المقام الأول على المخرجات وليس على تنفيذ فعالية فحسب.
كل الحقوق محفوظة لمكتبة الملك عبدالعزيز العامة © 1446-2025
