أستاذ المكتبات والمعلومات المساعد
كلمة مشاركة sharing هي من الفعل يشارك share، ومعناها أن يكون لك حصة أو جزء أو نصيب، وكذلك معناه يقسم أو يحصل على الشيء بالتساوي. وفي مجال التكنولوجيا أن تعطي للناس حق الوصول للمحتوى الرقمي عن طريق إحدى وسائل الاتصال مثل البريد الإلكتروني أو فيسبوك أو تويتر «1». فالمشاركة تدل على التعاون والمساهمة في أي وجه من أوجه النشاط. ومن الجدير بالذكر أن هناك عدد من المصطلحات باللغة العربية التي استخدمها الباحثون العرب في ترجمتهم للمصطلح الإنجليزي Knowledge Sharing ألا وهي: تقاسم المعرفة، تشاطر المعرفة، تشارك المعرفة، مشاركة المعرفة، المشاركة في المعرفة.
وتعد عملية المشاركة في المعرفة من أهم عمليات إدارة المعرفة، فهي المحرك الأساس لعملية الإبداع. وبالرغم من أهميتها إلا أن العديد من الدراسات تعتقد بأن الأفراد ما زالوا يحجمون عن المشاركة في هذه العملية على وجه الخصوص، إضافة إلى بعض أنشطة إدارة المعرفة الأخرى.«2» رغم أنها من الموضوعات المهمة التي لابد من تحفيزها داخل المنظمات. وهنا لا يقصد المشاركة بأسرار المنظمات وتناقلها بين العاملين جميعًا. فهناك معلومات لابد أن تبقى سرية وخاصة.
لكن يقصد بذلك المعلومات العامة، والمعلومات التي إذا ما تمت مشاركتها يستفيد منها العاملون، سواء في تحسين طرق العمل أو ابتكار طرق جديدة «3»
وتمثل المشاركة في المعرفة عملية الاتصال بين اثنين أو أكثر من المشاركين، بحيث يكونوا مشمولين في عملية نقل المعرفة. هذه العملية تتضمن مخزونًا معرفيًا متاحًا لدى مصدر المعرفة، ومن خلال تفسير الاتصالات بواسطة متلقي المعرفة، فإن مخرجات هذه العملية تمثل إنتاجًا لمعرفة جديدة.«4»
ويمكن تفسير المشاركة في المعرفة على أنها البحث عن المعرفة في أماكن تواجدها في أنحاء المؤسسة، بحيث يتشارك الأفراد والجماعات في المعرفة المختزنة في أماكن مخصصة لخزن المعرفة. ومن خلال هذا المعنى فإن المستقبلين للمعرفة يحصلون عليها من أماكن تواجدها، ويتفهمونها للعمل بها.«5»
ويعرفها عبد الله بن عوض السرحاني«6» بأنها العملية التي يتم فيها تقاسم «المعلومات، والمهارات، والخبرات، وأفضل الممارسات… الخ» بين العاملين في المنظمة. ويمكن استخدام ما يعرف بتقنيات إدارة المعرفة من برامج ونظم وغيرها لرفع مستوى مشاركة الأفراد لمعارفهم.
كما تعني المشاركة في المعرفة أيضًا ابتكار المعرفة؛ لأن كل شخص يجب أن يضيف فهمه الخاص عندما يتبادل المعرفة مع غيره.
وتتضمن مشاركة المعرفة الفردية، والفريق، والمنظمة. فإن أحد أهداف المشاركة في المعرفة هي نقل المعرفة من الأفراد إلى الفريق أو المنظمة. ومن هنا يمكن وصف هذه العملية كالتالي: أحدهم يشارك بجزء من معرفته، وآخرون يحصلون على المعرفة، ويضيفون فهمهم الخاص، ويحولونها إلى معرفتهم الشخصية.«7» ومن هنا يمكن القول إن المشاركة في المعرفة تمثل قلب إدارة المعرفة. فالابتكار هو هدف إدارة المعرفة، ولكن الابتكار لن يتحقق بدون مساعدة المعرفة الموجودة بالفعل. إذ أن المشاركة في المعرفة الموجودة والاستفادة منها سوف يُسرِّع من عملية الابتكار ويحسن من جودتها.
ومن خلال التعريفات السابقة يتضح لنا أن المقصود بالمشاركة في المعرفة هو:
توزيع المعارف وتقاسمها ونقلها ونشرها ومشاركتها بين الأشخاص أو المجموعات أو الأقسام داخل المؤسسة، سواء أكانت معرفة ضمنية «أي كامنة لدى الأفراد مثل الأفكار والخبرات والمهارات والمشاعر... الخ»، أو معرفة صريحة «يمكن نقلها بسهولة من شخص لآخر عن طريق مصادر المعلومات المختلفة مثل الكتب والتقارير وأدلة العمل وقواعد البيانات... الخ»؛ وذلك بهدف تحسين الأداء، وتعزيز عملية صنع القرار بالمؤسسة.
من الأسباب الرئيسة التي تجعل من المشاركة في المعرفة عملية مهمة: أن المعرفة قابلة للتلف؛ فهي سوف تفقد قيمتها بشكل سريع عندما لا يقوم أصحابها باستخدامها.
تعتمد عملية المشاركة في المعرفة على التعاون أو التفاعل المتبادل، وبالتالي نجد أنه حينما يحدث التبادل سوف يُفيد كل طرف أكثر مما يمكن خسارته في حالة إخفاء المعرفة.
تتطلب المنظمات اليوم جهودًا مشتركة بين العاملين، فعندما يعمل الفرد بمفرده فمن المرجح أن يفشل. فالكثير من الأشخاص يحتاجون لدعم الآخرين لهم في أعمالهم، وبالتالي سوف يصبح الأفراد أكثر تعاونًا مع بعضهم البعض، ويتشاركون في معارفهم، مما يسهم في تحقيق أهدافهم وأهداف منظمتهم «8».
يجب أن يكون لدى العاملين بالمؤسسة من أصحاب الفكر والمعرفة، الرغبة والحافز للمشاركة بهذه الأفكار والمعارف مع الآخرين بالمؤسسة، وتتم عملية المشاركة على مستويات عدة باهتمامات متداخلة ولكنها متميزة، هي:«9»
تشير المشاركة في المعرفة إلى تلك العملية التي يجري من خلالها تقاسم وتشارك المعرفة الصريحة من خلال تبادل الوثائق والبيانات، ويتم ذلك من خلال التفاعل بين أعضاء المؤسسة عبر اللقاءات وجها لوجه، أو عبر وسائل الاتصال المختلفة كالبريد الإلكتروني، وغير ذلك. أما المعرفة الضمنية، فيتم تشاركها من خلال التدريب والتفاعل الاجتماعي المباشر«10» أو الاتصال وجها لوجه، وإتاحة الفرص للتعلم التجريبي«11» وتتشارك المنظمات ليس فقط نوعي المعرفة، ولكن أيضًا قيمتها، وموثوقيتها.
تعتمد المشاركة في المعرفة على وجود آليات فعالة تتيح ذلك. هذه الآليات يمكن أن تكون رسمية مثل التقارير وأدلة العمل والتدريب والاجتماعات الرسمية المخصصة والتعلم أثناء العمل. أو غير رسمية، مثل: الاجتماعات والندوات والحلقات النقاشية التي لا تتخذ طابعًا رسميًا مقننًا، وتتم عادة في غير أوقات العمل، والتي يمكن أن تكون فعالة في الجماعات صغيرة الحجم، إلا أن من شأنها أن تؤدي إلى فقدان جزء من المعرفة، حيث لا يكون هناك ضمان لأن تنتقل المعرفة بشكل صحيح من شخص لآخر «12».
إن تيسير عملية المشاركة في المعرفة من الأهداف التي تسعى إليها المؤسسات، ولكن هناك بعض المعوقات التي يمكن أن تحد من عملية المشاركة، منها:
وقد تناول الباحثون عددًا من الصعوبات النظرية والفردية والثقافية والفنية الخاصة بالمشاركة في المعرفة الضمنية. فعلى سبيل المثال لاحظ Haldin-Herrgard خمس صعوبات في المشاركة في المعرفة الضمنية هي:«14»
وأضاف Stenmark إلى ذلك عدم وعي الأفراد الذين لديهم بعض أنواع المعرفة الضمنية، وعدم الاستعداد للمشاركة، والخوف من فقد هذه المعرفة القيمة ومن ثم فقد الميزة التنافسية«15»
قام Kim and Lee في عام 2006 بفحص تأثير البناء التنظيمي، والثقافة التنظيمية، وتقنية المعلومات على قدرات المشاركة في المعرفة للعاملين. كما اقترح Riege عام 2005 ثلاثة عشر عائقًا أمام المشاركة في المعرفة، من بينها السلطة الرسمية واختلافات العمر والنوع. وفي عام 2008 اقترح Ardichvili أن العوامل التالية تؤثر على استعداد الأفراد للمشاركة في المعرفة:«16»
وتم اختبار القليل من هذه العوامل تجريبيًا. وعلاوة على ذلك تشير البحوث التجريبية إلى عدم توافق في الآراء بشأن العوامل المؤثرة في المشاركة في المعرفة.
ونؤكد في النهاية على أن المعرفة أصبحت مصدرًا استراتيجيًا مهما في بناء الميزة التنافسية للمنظمات، والمورد الأكثر الأهمية من رأس المال وقوة العمل. فهي المورد الوحيد الذي لا يخضع لمشكلة الندرة، والذي يزيد بالتراكم ولا يتناقص بالاستخدام، بل على العكس يسهم استخدامها في توليد أفكار ومعارف جديدة.
* أستاذ المكتبات والمعلومات المساعد
1. Share in: webester dictionary. Available at: http://us.wow.com/20%q=webster&9=search?s_pt=aolsem&s_it=aolsem&s_chn20dictionary%online
2. عبد الله بن عوض السرحاني «2013» تطبيقات إدارة المعرفة في القطاعين العام والخاص في المملكة العربية السعودية: دراسة مقارنة على الهيئة الملكية للجبيل وشركة كيان السعودية للبتروكيماويات.- اعلم.- ع12.-ص 272 متاح على الرابط: https://arab-afli.org/shared
3. معاذ يوسف الذنيبات، وخيرو خلف البقور، ومحمود حسني العتيبي «2011» المشاركة بالمعرفة في جامعة الطائف: إطار مقترح لتطوير إدارة المعرفة من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس.- المجلة العلمية – كلية التجارة – جامعة أسيوط.- ع51، ديسمبر. ص 208، 209
4. ممدوح عبد العزيز محمد رفاعي أثر الثقة بين العاملين على مشاركة المعرفة: دراسة ميدانية على الشركة القابضة لمصر للطيران.- متاح على الرابط: https://dr-mamdouhrefaiy.com/home/
5. جامعة الملك عبد العزيز «2012» نقل المعرفة.- الرياض: الجامعة. مركز الدراسات الاستراتيجية.- ص 22 «سلسلة نحو مجتمع المعرفة»
6. عبد الله بن عوض السرحاني «2013» تطبيقات إدارة المعرفة في القطاعين العام والخاص في المملكة العربية السعودية: دراسة مقارنة على الهيئة الملكية للجبيل وشركة كيان السعودية للبتروكيماويات.- اعلم.- ع12.- ص 270 متاح على الرابط: https://arab-afli.org/shared
7. Knowledge Sharing Degree Among The »2011« Khalil Yaghi et Undergraduate Students: A Case Study At Applied Science Private University.- International Journal Of Academic Research.- Available at: https://www.academia.edu/1319993/KNOWLEDGE_SHARING_DEGREE_AMONG_THE_UNDERGRADUATE_STUDENTS_A_CASE_STUDY_AT_APPLIED_SCIENCE_PRIVATE_UNIVERSITY
8. أحمد حسين يوسف «2013» العلاقة بين القيادة التحويلية وتمكين العاملين واثرهما على تقاسم المعرفة: دراسة نظرية وتطبيقية على الجامعات المصرية.- بني سويف: جامعة بني سويف. كلية التجارة. ص 138، 139 «أطروحة ماجستير غير منشورة» . ص 99
9. جامعة الملك عبد العزيز «2012» مصدر سابق.- ص 23
10. ناصر جاسم الأغا، أحمد غنيم أبو الخير «2012» واقع تطبيق عمليات إدارة المعرفة في جامعة القدس المفتوحة وإجراءات تطويرها.- مجلة جامعة الأقصى «سلسلة العلوم الإنسانية».- مج16، ع1، يناير.- ص 38.- متاح على الرابط: https://www.alaqsa.edu.ps/site_resources/aqsa
11. جامعة الملك عبد العزيز «2012» مصدر سابق.- ص 23
12. ناصر جاسم الأغا، أحمد غنيم أبو الخير «2012» مصدر سابق.- ص 40
13. جامعة الملك عبد العزيز «2012» مصدر سابق.- ص 23، 24
14. Sirous Panahi, Jason Watson, Helen Partridge «2013» Towards tacit knowledge sharing over social web tools.- Journal of Knowledge Management, Vol 17, Iss 3, p.386. Available at: http://www.emeraldinsight.com/doi/pdfplus/10.1108/0364-2012-11-JKM
15. Loc.Cit
16. Angela Titi Amayah «2013» Determinants of knowledge sharing in a public sector organization.- Journal of Knowledge Management, Vol 17, Iss 3, p.456. Available at: http://www.emeraldinsight.com/doi/pdfplus/10.1108/0369-2012-11-JKM
كل الحقوق محفوظة لمكتبة الملك عبدالعزيز العامة © 1446-2025